الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهوِّن عليك، فقدر الله تعالى نافذ لا محالة، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والإيمان بهذا هو الإيمان بالقضاء والقدر، الذي هو ركن من أركان الإيمان الستة، ومعناه التصديق الجازم بأن كل ما يقع في هذا الوجود يجري وفق علم الله وتقديره في الأزل، كما قال عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ لابنه: يا بني! إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني. رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
فطبْ نفساً، ووطِّن نفسك على الرضا بقضاء الله تعالى، وإنما الرضا: سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد أنه اختار له الأفضل، فيرضى به، كما ذكر ابن القيم في (مدارج السالكين)، فاختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه، فإنه تعالى أرحم بنا من أمهاتنا.
فلا تأسف على فوات هذا التخصص الذي ذكرت، واعلم أن تأخرك هذه الأيام هو من قدر الله أيضا لحكمة يعلمها، وحسبك أن تذكر قول الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وقوله عز وجل: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
والله أعلم.