الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الغالب في الأب الشفقة على أولاده، وحسن تعامله معهم، والحرص على كل ما فيه مصلحتهم، ومن هنا فإننا نستغرب جدا ما تذكره عن أبيك، ومن أولى ما نوصيك به الدعاء له أن يصلح الله حاله، ويلهمه الرشد والصواب في تصرفاته، فالله على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير، فتوجه إليه وأحسن الظن به ولا تيأس، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، وراجع الفتوى رقم: 119608، هذا أولا.
ثانيا: من المهم جدا الصبر على جفاء الأب، ففي الصبر خير كثير في الدنيا والآخرة، وهو عبادة الضراء، ولمعرف شيء من فضائله يمكنك مطالعة الفتوى رقم: 18103.
ثالثا: يجب عليك بره والإحسان إليه مهما وصل من درجة عالية من السوء في تعامله معك، فبره لا تسقطه إساءته كما بينا في الفتوى رقم: 114460، والفتوى رقم: 111450، ويجب عليك الحذر من العقوق، وهو يمكن أن يحصل بأدنى أذى يصدر منك تجاه أبيك، وراجع الفتوى رقم: 11649.
رابعا: ينبغي أن تحرص على شغل وقتك بما ينفع من العلم النافع والعمل الصالح، وكل ما فيه مصلحة دنياك وأخراك بحيث تجتنب الاحتكاك بوالدك وحصول ما تكره، وأما ترك البيت والذهاب إلى مكان آخر اتقاء للمشاكل فلا بأس به، ولكن يرجع في مثل هذا إلى المصلحة الشرعية.
خامسا: التمس الأسباب التي قد تكون الدافع لهذه الإساءة من أبيكم تجاهكم، والعمل على كل ما يمكن إزالته من الأسباب، فإن كان ذلك بسبب تغير مفاجيء لا يعرف له سبب ظاهر، فقد يكون هنالك مس أو سحر ونحوهما، وعلاج ذلك بالرقية الشرعية، وقد أوضحناها في الفتوى رقم: 4310.
سادسا: يجب على أخيك الكف عن الشجار مع أبيه؛ لأن هذا من العقوق، والواجب عليك نصحه في ذلك، وينبغي أن يكون النصح برفق ولين.
والله أعلم.