الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الأمر الذي أنت مبتلى به خطير جدا، فيجب عليك الاجتهاد في علاجه والتخلص منه، فإنه من أعظم الموبقات، ويجب عليك تجنب مخالطة ومس كل من يثير مسه شهوتك، وأما إن وقع منك مس الذكور لشهوة فهل ينتقض وضوؤك أو لا؟ في هذا خلاف بين العلماء، ولو توضأت احتياطا وخروجا من الخلاف وكبحا لجماح هذه الشهوة لكان حسنا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: إذا مس الأمرد لشهوة ففيه قولان في مذهب أحمد وغيره: أحدهما: أنه كمس النساء لشهوة ينقض الوضوء، وهو المشهور من مذهب مالك ذكره القاضي أبو يعلى في شرح المذهب، والثاني: أنه لا ينقض الوضوء، وهو المشهور من مذهب الشافعي والقول الأول أظهر؛ فإن الوطء في الدبر يفسد العبادات التي تفسد بالوطء في القبل: كالصيام والإحرام والاعتكاف ويوجب الغسل كما يوجبه هذا، فتكون مقدمات هذا في باب العبادات كمقدمات هذا، فلو مس الأمرد لشهوة وهو محرم فعليه دم كما لو مس أجنبية لشهوة، وكذلك إذا مسه لشهوة وجب أن يكون كما لو مس المرأة لشهوة في نقض الوضوء. انتهى، واختار ـ رحمه الله ـ استحباب الوضوء من مس الأمرد ونحوه في موضع آخر من كلامه فقال ما عبارته: وكذلك يستحب لمن لمس النساء فتحركت شهوته أن يتوضأ، وكذلك من تفكر فتحركت شهوته فانتشر، وكذلك من مس الأمرد أو غيره فانتشر، فالتوضؤ عند تحرك الشهوة من جنس التوضؤ عند الغضب، وهذا مستحب لما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ. وكذلك الشهوة الغالبة هي من الشيطان والنار والوضوء يطفئها فهو يطفئ حرارة الغضب، والوضوء من هذا مستحب. انتهى، والحاصل أن وضوءك لا ينتقض في الحال المذكورة عند كثير من العلماء، وأنك لو توضأت احتياطا فهو أولى، وأن الواجب عليك السعي في التخلص من هذه الآفة المنكرة.
والله أعلم.