الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولكما العافية والشفاء، وأما عن البر بالأم: فهو واجب شرعي، ويدخل في برها زيارتها والنفقة عليها بحسب الوسع والطاقة، ويجب الحرص على ما فيه رضاها مما لا يخالف الشرع، فقد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً{البقرة:83}.
وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على إرضائهما، فقال: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني.
وقد حرم عقوق الأم، فقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات... رواه البخاري ومسلم.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وقال النووي في الروضة:.. فَأَمَّا بِرُّهُمَا: فَهُوَ الْإِحْسَانُ إِلَيْهِمَا، وَفِعْلُ الْجَمِيلِ مَعَهُمَا، وَفِعْلُ مَا يَسُرُّهُمَا مِنَ الطَّاعَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِحْسَانُ إِلَى صَدِيقِهِمَا، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ ـ وَأَمَّا الْعُقُوقُ: فَهُوَ كُلُّ مَا أَتَى بِهِ الْوَلَدُ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ أَوْ نَحْوُهُ تَأَذِّيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَقِيلَ: تَجِبُ طَاعَتُهُمَا فِي كُلِّ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ، فَتَجِبُ طَاعَتُهُمَا فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَدْ حَكَى الْغَزَالِيُّ هَذَا فِي الْإِحْيَاءِ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، أَوْ أَكْثَرِهِمْ..... انتهى.
فعليك بالحرص على التواصل مع الأم ولو بوسائل الاتصال، وإرسال المال لها بحسب طاقتك وحاجتها، وإذا أمكنك السفر إليها من غير حرج يلحقك، فينبغي أن تحرص عليه، إذ الغالب أن تتوق نفس الأم في مثل هذه الأحوال إلى رؤية أولادها، وبهذ ـ إن شاء الله ـ تكون غير عاق.
وأما عن الرقية: فإن كانت تريد أن يرقيك من عرف بأنه راق شرعي ملتزم بالشرع والبعد عن الشعوذة، فلا حرج عليك في موافقتها، وأما إن كان الراقي من أهل الشعوذة والدجل، فيجب البعد عنه، وبين ذلك للأم، لكي تتجنب سخطها.
والله أعلم.