الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما، وعلاجك الذي لا علاج لك غيره هو أن تعرض عن هذه الوساوس كلها، وألا تعيرها أي اهتمام، ولا داعي لكل ما ذكرته من الوساوس والهموم، ولم يكن يجب عليك الغسل أصلا، وإنما كان يجب عليك تطهير الموضع الذي تتيقن يقينا جازما تستطيع أن تحلف عليه أنه قد تنجس، وكل موضع تشك في تنجسه أو انتقال النجاسة إليه، فالأصل طهارته، فاعمل بهذا الأصل، ولا تلتفت إلى غيره مهما وسوس لك الشيطان، ويسعك الأخذ بقول من يرى أن قليل النجاسة مطلقا يعفى عنه، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، ويسعك كذلك الأخذ بقول من يرى أن النجاسة لا تنتقل من جسم متنجس إذا لاقاه آخر وأحدهما رطب، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 154941.
فإن للموسوس أن يترخص بأيسر الأقوال، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 181305.
والخلاصة أن عليك أن تعرض عن هذه الوساوس كلها، وأن تحكم بطهارة كل ما تشك في تنجسه، ولا تحكم بنجاسة شيء إلا إذا حصل لك اليقين الجازم الذي تستطيع أن تحلف عليه أنه قد تنجس، وبدون هذا ستظل في هذه المعاناة وهذا الكرب منتقلا من وسواس إلى آخر وهلم جرا، نسأل الله لك العافية.
والله أعلم.