الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة قد تلفظت بلفظ الوقف صريحاً أو كناية، فلا يجوز لها الرجوع فيه؛ لأنه خرج من ملكها بذلك، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز الرجوع فيما وقف من الأرض ولا في بعضه لأنها خرجت من ملك الواقف بالوقف، إلا الانتفاع بها فيما جعلت له. اهـ
وكذلك إن لم تكن تلفظت باللفظ الدال على الوقف لا صريحاً ولا كناية ولكن فعلت فعلاً دالا على وقفها مع نية ذلك، فالراجح عندنا وهو مذهب الجمهور خلافاً للشافعي ـ رحمه الله ـ أن الوقف ينعقد بالفعل مع النية، والظاهر أن دفعها مبلغا من المال لشخص لبناء مسجد فعل يحصل به الوقف؛ إذ ليس لذلك معنى غير الوقف.
وعلى هذا؛ فلا يجوز لها الرجوع فيما خصصت من مالها بنية الوقف ولو لم تخرجه عن يدها، أحرى إن أخرجته عن يدها ووضعته تحت يد وكيل لبناء المسجد به -كما في السؤال- قال ابن عثيمين في الشرح الممتع: ولا يشترط إخراج الوقف عن يد الواقف، فلو وقف البيت وبقيت يده عليه، فالوقف يخرج عن ملكه وإن لم يخرج عن يده، ولهذا لو أن إنساناً وضع دراهم في جيبه على أنها صدقة، ثم بدا له ألا يتصدق، فهذا يجوز ولا بأس به، فهي ما دامت في يدك إن شئت أمضيتها وإن شئت رددتها، لكن الوقف إذا وقف نفذ ولو كان تحت سيطرته وتحت يده. اهـ
وانظر الفتوى رقم: 77664.
ومما تقدم يعلم أنه على المرأة التوبة إلى الله تعالى من الرجوع فيما أوقفت، مع تعويض ما صرفت من ذلك المال الذي كانت قد خصصته لبناء المسجد، ولا أثر لحاجتها له في عدم لزومه لها، فالحاجة لا تبرر الرجوع في الوقف.
والله أعلم.