الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتعزير: هو العقوبة المشروعة على كل معصية لا حد فيها، ولا كفارة، والأصل في مشروعيته الكتاب، والسنة، والإجماع. راجع الفتوى رقم: 34616.
وقد رجح ابن القيم -رحمه الله- أن التعزير يَجْتَهِدُ فيه وَلِيُّ الْأَمْرِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَعَلَى قَدْرِ الْجَرِيمَةِ، وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وهو الأتبع للأدلة، والأوفق للمصلحة. وراجع الفتوى رقم: 117180.
وعليه؛ فإن تقدير حد لتعزير أمثال هؤلاء، مرجعه إلى ولي الأمر، فيرفع أمرهم إليه، وهو يقدر المصلحة في مقدار ونوع تعزيرهم.
وواجبك تجاه هؤلاء هو النصح بحكمة، ولين جانب، والتذكير بالله، وبخطر ما هم عليه من الاستهزاء والسخرية بشيء من شعائر الدين، وبأن فعلهم هذا قد يؤدي بصاحبه إلى الردة عن الإسلام عياذا بالله.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل من يستهزئ بالدين بأن يسخر من اللحية، أو من تقصير الثياب، هل يعد ذلك من الكفر؟
فأجاب: هذا يختلف إذا كان قصده الاستهزاء بالدين، فهي ردة، كما قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ. أما إذا كان يستهزئ من الشخص نفسه بأسباب أخرى، من جهة اللحية، أو من جهة تقصير الثياب، ويعني بذلك أنه متزمت، وأن يستهزئ بأمور أخرى يشدد في هذا، أو يتساهل في أمور أخرى يعلم أنه جاء بها الدين، وليس قصده الاستهزاء بالدين، بل يقصد استهزاءه بالشخص بتقصيره لثوبه، أو لأسباب أخرى، أما إذا كان قصده الاستهزاء بالدين، والتنقص للدين، فيكون ردة، نسأل الله العافية.
فسئل: إن كان يقول: أنا أقول ذلك للناس من باب الضحك والمزاح؟
فأجاب: هذا لا يجوز، وهذا منكر وصاحبه على خطر، وإن كان قصده الاستهزاء بالدين يكون كفرا. انتهى.
والله أعلم.