الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك، وأن يزيدك حرصا على الخير، ولا يخفى أن الصدقة من أجل الأعمال، وأعظم القربات، والصدقة عبر الإنترنت، أو عبر الجمعيات الخيرية، كلاهما حسن، والمفاضلة بينهما ترجع إلى الشخص نفسه، وإن كان الغالب أن الجمعيات الخيرية أوثق، وآمن.
والمهم هو المبادرة بالصدقة والإحسان، وألا يلتفت المرء إلى تثبيط الشيطان، وتشكيكه في صدق المحتاجين، فإن الله يأجر العبد على الصدقة على حسب نيته فيها، ولو وقعت صدقته في غير موقعها، وكان السائل لها كاذبا غير صادق.
جاء في الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل: لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية، قال: اللهم، لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، قال: اللهم، لك الحمد على غني، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم، لك الحمد على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر، فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته.
قال القرطبي: وقول المتصدق: "اللهم لك الحمد، على زانية"؛ إشعار بألم قلبه؛ إذ ظن أن صدقته لم توافق محلّها، وأنَّ ذلك لم ينفعه، ولذلك كرَّر الصدقة، فلما علم الله صحة نيته، تقبلها منه، وأعلمه بفوائد صدقاته. ويستفاد منه: صحَّة الصدقة وإن لم توافق محلاً مرضيًا، إذا حسنت نية المتصدق. اهـ من المفهم.
وقال ابن حجر: وفيه أن نية المتصدق إذا كانت صالحة، قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع. اهـ. من فتح الباري.
والله أعلم.