الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في جواز إيصاء الوصي إلى غيره.
قال ابن قدامة: فأما إن أوصى إليه, وأطلق, ولم يأذن له في الإيصاء، ولا نهاه عنه, ففيه روايتان:
إحداهما: له أن يوصي إلى غيره. وهو قول مالك, وأبي حنيفة, والثوري, وأبي يوسف; لأن الأب أقامه مقام نفسه، فكان له الوصية, كالأب.
والثانية: ليس له ذلك. وهو اختيار أبي بكر، ومذهب الشافعي, وإسحاق. وهو الظاهر من مذهب الخرقي; لقوله ذلك في الوكيل; لأنه يتصرف بتولية, فلم يكن له التفويض, كالوكيل, ويخالف الأب; لأنه يلي بغير تولية. اهـ.
وأما سكوت جدتك وقد رأت ما حدث، فلا يعتبر بمجرده إذنا في إيصاء أمك إلى زوجة أخيها، ما لم يكن هناك ما يدل على رضا جدتك بذلك.
جاء في الموسوعة الفقهية: لاَ شَكَّ أَنَّ السُّكُوتَ السَّلْبِيَّ، لاَ يَكُونُ دَلِيلاً عَلَى الرِّضَا أَوْ عَدَمِهِ، وَلِذَلِكَ تَقْضِي الْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ:"لاَ يُسْنَدُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ، وَلَكِنَّ السُّكُوتَ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَةِ بَيَانٌ" وَذَلِكَ إِذَا صَاحَبَتْهُ قَرَائِنُ، وَظُرُوفٌ بِحَيْثُ خَلَعَتْ عَلَيْهِ ثَوْبَ الدَّلاَلَةِ عَلَى الرِّضَا. اهـ.
وعموما، فإن كانت الصدقة قد وصلت إلى مستحقيها المعينين، فحيث إنه لا يوجد دليل فاصل في المسألة، فلا نستطيع إلزام والدتك بشيء الآن، لكن ننصحها بمراعاة ذلك مستقبلا خروجا من خلاف العلماء.
أما إن كانت زوجة أخي أمك لم تكمل تنفيذ الوصية، ولم توصل الصدقة إلى مستحقيها، فيلزم أمك ضمان تلك الصدقات بمثلها إن أمكن، وإلا فبقيمتها، فتدفعها إلى من عينتهم جدتك.
جاء في الموسوعة الفقهية: وكذلك الحكم في وصي رب المال, إذا أرسل المال للورثة, أو سافر هو به إليهم من غير إذنهم, فإنه يضمن المال إذا ضاع أو تلف. اهـ.
والله أعلم.