الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي نفتي به في مسألة الحلف بالطلاق، هو قول الجمهور، وهو وقوع الطلاق بالحنث في اليمين، لكنّ بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ الحلف الذي لا يقصد به إيقاع الطلاق، له حكم اليمين بالله، فتلزم بالحنث فيه كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592
وعليه؛ فالمفتى به عندنا أنّك إذا حنثت في يمينك، وقع طلاقك. وحنثك في اليمين يتوقف على نيتك بما تلفظت به؛ لأنّ النية تخصّص العام، وتقيد المطلق، فإن كنت قصدت ألا تعطي أمّك مالاً زائداً على ما أعطيتها، فإنك تحنث إذا أعطيتها ولو بعد شهر، أو أكثر، وأما إن كنت قصدت ألا تعطيها في الحال، ولم تقصد ألا تعطيها بعد ذلك، فلا تحنث إذا أعطيتها بعد أسبوع، أو شهر.
وإذا لم تكن لك نية معينة وقت حلفك، فالمرجع حينئذ إلى سبب اليمين وما هيّجها، وهو المعروف عند المالكية ببساط اليمين.
قال ابن عبد البر -رحمه الله-: والأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف. فإن لم تكن له نية، نظر إلى بساط قصته، ومن أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. الكافي في فقه أهل المدينة.
وراجع الفتوى رقم: 191773
وإذا لم تكن لك نية، وليس هناك سبب معلوم لليمين، فإنك تحنث بإعطاء أمّك مالاً زائداً مطلقاً؛ لأنّ ظاهر لفظك يقتضي ذلك.
قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله-: فإن عدمت النية، رجع إلى سبب اليمين وما هيجها، فيقوم مقام نيته لدلالته عليها، فإن عدم ذلك، حملت يمينه على ظاهر لفظه. عمدة الفقه.
والله أعلم.