الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه الفتاة دينة خلوقة فلا وجه لاعتراض أهل هذا الشاب على زواجه منها، فمثلها من حض الشرع على الزواج منها؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تنكح المرأة لأربع؛ لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". وذات الدين أرجى لأن تعرف لزوجها حقه، وأن تدوم العشرة بينهما، وتستقر الأسرة، وهذا مقصد أساسي من مقاصد الزواج، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}. قال ابن كثير في تفسيره: من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة، وهي: المحبة، ورحمة، وهي: الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها، بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما، وغير ذلك. اهـ. وربما كان زواجه منها بركة عليه وعلى أهله.
وكون هذه الفتاة من عائلة غير دينة ليس مانعًا شرعًا من الزواج منها، فلا ينبغي أن يعاب على الابن زواجه منها، ولكن إذا اعترض والداه على هذا الزواج فلا يجوز له مخالفتهما إلا لمسوغ شرعي، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 93194. وإن أقدم على الزواج فلا يليق بأهله التخلف عن حضور الزواج، فليحضروا وليدعوا له بخير، وليحذروا من كل ما يؤدي للشحناء والقطيعة.
وعلى كل؛ فلا يؤثر عدم حضور الأهل عرس ابنهم على صحته.
والله أعلم.