الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية ننبه على أن وصية الميت، يجب إخراجها من تركته قبل قسمها؛ لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}.
لكن الوصية التي ذكرها السائل غير واضحة, ولعل السؤال غير مكتمل, لكن الذي فهمنا أن الميت قد أوصى لشخص بمثل نصيب أحد أولاده.
فإن كان الأمر كذلك, فإن الموصى له، يعتبر كأحد أولاد الميت، لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى.
جاء في الشرح الكبير للدردير: (و) إن أوصى له (بنصيب أحد ورثته) أو بمثل نصيب أحدهم، وترك ذكورا، أو إناثا، أو ذكورا وإناثا (فبجزء) أي فيحاسبهم بجزء (من عدد رءوسهم) فإن كان عدد رءوس ورثته ثلاثة، فله الثلث؛ أو أربعة، فله الربع؛ أو خمسة، فله الخمس، وهكذا. ولا نظر لما يستحقه كل وارث، ثم يقسم ما بقي بينهم على فرائض الله تعالى. اهـ.
وفي التاج والإكليل للمواق: من المدونة قال مالك: من أوصى لرجل بمثل نصيب أحد ورثته، وترك رجالا ونساء. فليقسم المال على عدد رءوسهم الذكر والأنثى فيه سواء، ثم يؤخذ حظ واحد منهم، فيعطى له. ثم يقسم ما بقي بين ورثته. انتهى.
وإذا كان الميت لم يترك ورثة غير من ذكروا في السؤال, فنصيب الزوجة الثمن ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, وللموصى له سدس التركة، بعد أخذ نصيب الزوجة؛ لأن رؤوس الورثة ستة، يستوي الذكر, والأنثى, وبعد إخراج الوصية ـ ونصيب الزوجة ـ يوزع باقي التركة على الأبناء, والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا، وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية -إذا كانت موجودة-، تحقيقا لمصالح الأحياء، والأموات.
والله أعلم.