الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما ذكرتم من حال هذه المرأة يدعو للحيرة، وإلى الاستعاذة بالله مما أصابها، نسال الله السلامة والعافية.
والذي يظهر ـ من خلال التفاصيل الواردة في السؤال ـ أنها كانت تعاني من أمراض نفسية معينة، فإن كانت تلك الأمراض قد جعلتها تفقد عقلها بالكلية، فإنها ـ والحال هذه ـ غير مخاطبة بفروع الشريعة؛ لأن العقل هو مناط التكليف، ومن ثم فلا بأس باستعمال الوسائل الممكنة ـ من رفع الصوت ونحو ذلك ـ لحملها على ما فيه مصلحتها مثل النظافة واستعمال الدواء ونحو ذلك، يقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: ـ بشأن ضرب المجنون ـ فإذا كان ضربه للتأديب مفيداً فلا بأس بضربه كما في الصغير، وإذا كان غير مفيد فلا يجوز لأنه إيلام بلا فائدة. اهـ
وما دون الضرب من باب أحرى.
وإن كانت تلك الأمراض لم تُفقدها عقلها، بل ظلت تدرك الأمور وتميز الأشياء فإنها ـ في هذه الحالة ـ مخاطبة بفروع الشريعة، والأصل أنها محكوم بإسلامها حتى يثبت خروجها من الملة بلفظ صريح أو قول يقتضيه أو فعل يتضمنه، وأما عن تركها للصلاة فإن كانت جاحدة لوجوبها فذلك مخرج لها عن الملة، وإن كانت مقرة بوجوبها، فقد اختلف أهل العلم هل تخرج بذلك من الملة أم لا؟ والذي عليه الجمهور أن تارك الصلاة كسلا لا جحودا ليس بكافر، وتراجع الفتوى رقم: 60955.
وحيث حكم بعدم كفرها فإنها تعامل معاملة المسلمين في جميع الأحكام الشرعية التي تخص المسلمين.
وبخصوص أخذ مالها على الوجه المذكور فلا يجوز مطلقا؛ لأنها إن كانت عاقلة فلا بد من إذنها، وهو ما لم يحصل، وإن كانت غير عاقلة، فإن تصرف الوصي في مالها منوط بما فيه لها مصلحة، جاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: "لا ضرر ولا ضرار"، وقد فرعوا على ذلك أن ما لا حظ للمحجور فيه كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به أو ما زاد في النفقة على المعروف، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضررا محضا. اهـ.
وبالتالي فإن عليك ـ مع التوبة إلى الله ـ أن تردي ما أخذت من مالها إلى ورثتها.
والله أعلم.