الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن شروط شركة الأموال، أن يكون رأس المال فيها حاضرًا، ولا يجوز أن يكون ديناً في ذمة الشريك، كما سبق بيانه في الفتاوى: 47193، 110026، 113970
وحيث إن الشريك المذكور لم يدفع شيئًا، فهو لم يدخل في الشركة أصلًا، ولا يستحق شيئاً من الربح؛ لأن الربح تابع لرأس المال المدفوع، وهو لم يدفع شيئًا حتى يستحق عنه ربحًا، وبالتالي فإن ما يستحقه هو فقط أجر عمله، إن كان عمل معكم في الشركة.
جاء في المغني: ومتى وقعت الشركة فاسدة، فإنهما يقتسمان الربح على قدر رؤوس أموالهما، ويرجع كل واحد منهما على الآخر بأجر عمله، نص عليه أحمد في المضاربة، واختاره القاضي، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي. اهـ.
وبهذا يتبين، أن الشركة التي حصلت بينكم فاسدة، وأن لكم أنتم الثلاثة اقتسام الربح بحسب رؤوس أموالكم، وأما الرابع الذي لم يدفع شيئًا، فليس له إلا أجر عمله.
وما تحجج به -من عدم كتابة العقد- لا يفيده شيئًا هنا، كما أنه غير صحيح، إذ يكفي في العقود الاتفاق الشفهي، وأما الكتابة والتوثيق، فهي أمور زائدة على ماهية العقد، يقصد منها توثيق الحقوق، وسد باب الخصام، والنزاع، وليست شرطاً في صحته. والأمر بالكتابة في آية الدين، محمول على الندب.
جاء في الموسوعة الفقهية: فآية المداينات، الأمر فيها إنما هو للإرشاد إلى حفظ الأموال، والتعليم، كما أمر بالرهن، والكتابة، وليس بواجب. وهذا ظاهر، صرح بذلك فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة. وذهب إليه أيضا أبو سعيد الخدري، وأبو أيوب الأنصاري، والشعبي، والحسن، وإسحاق، وجمهور الأمة من السلف، والخلف. اهـ.
والله أعلم.