الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك ما ذكرت من الالتزام والحرص على طاعة الله، والبحث عما يرضيه سبحانه.
ولا شك أن الصدقة مندوب إليها في نصوص كثيرة من القرآن والسنة، وفيها الأجور المضاعفة عند الله تعالى في الآخرة، والنفع العظيم على المتصدق في الدنيا، وانظر الفتوى رقم: 108788.
ولا تتنافى الصدقة مع توفير المال ـ كما يتوهم السائل ـ، إذ بإمكان الشخص أن يتصدق ببعض ماله ويوفر منه ما يريد، ولا حرج في ذلك البتة ؛ لأن الصدقة التي يقصد السائل غير واجبة، ومن ثم فلو تركها بالكلية لا يأثم، لكنه يكون قد فوت على نفسه الأجر العظيم.
وأما الكنز المذموم فهو توفير المال مع عدم إخراج الزكاة الشرعية الواجبة فيه فهذا هو الكنز المتوعد عليه في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {التوبة:34}،
أما من يخرج زكاة ماله فلا يدخل في الوعيد، وقد أوضحنا هذا في الفتوى رقم: 30090.
وخلاصة الكلام أنه لا حرج في توفير المال وكنزه ما دامت تخرج زكاته، وأن الصدقة مأمور بها على جهة الاستحباب والندب، وليس فيها حد معين يجب الالتزام به، فبإمكان الشخص أن يتصدق بما شاء وقت ما يشاء وبالكيفية التي يريد، سواء التزم مبلغا شهريا يخرجه أو غير ذلك، وكل شخص أدرى بظروفه وما يناسبه من هذا.
والأفضل من أنواع الصدقة صدقة السر؛ لأنها أقرب إلى الإخلاص، قال الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة:271}، وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
والله أعلم.