الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من توقيع بعض العقود دون توثيق قد يدل ظاهره على أنه يمكن للجهات المسؤولة التغاضي عن ذلك الشرط والتوقيع دونه، وإذا كان كذلك فلا حرج في السعي في تجاوز ذلك الشرط دون غش أو تحايل أو بذل رشوة.
وعليه؛ فإذا كان السمسار الذي يطلب مالا مقابل تلك الخدمة يبذل جهدا ومشقة في سبيل الاستثناء من التوثيق ونحوه فلا حرج في دفع أجرة ذلك السعي إليه، وأما إن كان لا يبذل جهدا سوى جاهه عند المسؤول فليس له ذلك.
ويمكن تعريف الجاه بأنه بذل شخص وجاهته أو نفوذه أو صلاحية تختص به وبمن هو مثله ـ في سبيل حصول آخر على ما هو من حقه لولا عروض بعض العوارض دونه، بشرط ألا تستند هذه العوارض إلى سبب شرعي ملزم، وقد نص الفقهاء على أن الجاه والضمان والقرض لا يجوز أخذ عوض مقابلها؛ لأنها من باب الإرفاق وتفريج الكرب عن المسلمين، فيجب أن تكون لوجه الله وحده دون أي غرض دنيوي.
وإذا لم يجد صاحب الحق وسيلة إلى حقه دون بذل فهو معذور، قال في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (...إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو ليدفع به عن نفسه ظلما فلا بأس به)
والله أعلم.