الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولًا على ما ذكرت من عدم ممانعتك من القيام بخدمة أم زوجك، فقيام الزوجة بذلك يدل على حسن خلقها، ومثل هذا التصرف منها تزداد به حظوتها عند زوجها، ويطيب به المعشر؛ فجزاك الله خيرًا.
ومن حقك كزوجة أن تكوني في مسكن مستقل يندفع عنك فيه الحرج، وتتقين به أي ضرر يمكن أن يلحقك من أهل زوجك أو غيرهم، وراجعي الفتوى رقم: 66191، وليس في توفير الزوج مثل هذا المسكن لك عقوق لأمه، ولا يعتبر رفضك السكنى مع أمه حملًا له على العقوق.
وما تحتاجه هذه الأم من نفقة واجبة على زوجها، وإن احتاجت إلى خادمة وجب عليه توفيرها لها؛ قال ابن قدامة: فإن كانت المرأة ممن لا تخدم نفسها، لكونها من ذوي الأقدار أو مريضة وجب لها خادم. اهـ.
فإن كان زوجها فقيرًا وجب ذلك على أولادها كل حسب يساره، وتراجع الفتوى رقم: 65089.
وعلى كل حال؛ ينبغي لأولادها أن يتنافسوا في برها، فإنها فرصة سانحة لكسب رضا الرب ونيل عالي الدرجات في الجنة؛ روى ابن ماجه عن معاوية بن جاهمة السلمي -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. قال:"ويحك، أحية أمك؟" قلت: نعم. قال: "ارجع فبرها" ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. قال: "ويحك، أحية أمك؟ قلت: نعم، يا رسول الله. قال: "فارجع إليها فبرها" ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. قال: "ويحك، أحية أمك؟ قلت: نعم، يا رسول الله. قال: "ويحك، الزم رجلها، فثم الجنة".
وننبه إلى أن الواجب أن ينصح هذا الأخ الشقيق، ويذكر بخطورة مثل هذه العصبية والغضب، فقد يفتح عليه الشيطان بسبب ذلك أبوابًا إلى الشر يندم عليها حيث لا ينفع الندم، وليبين له سبل علاج الغضب واتقاء آثاره السيئة، ويمكن الاستفادة من الفتوى رقم: 8038.
والله أعلم.