الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن سجود السهو يكون في جميع الصلوات، بغض النظر عن عدد ركعاتها، أو كونها فرضا، أو نفلا؛ لما جاء في الصحيحين، وغيرهما عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا»، فَلَمَّا انْفَتَلَ، تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكُمْ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَلْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «لَا»، قَالُوا: فَإِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَانْفَتَلَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى، كَمَا تَنْسَوْنَ» .. فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» وهذا الحديث وغيره من الأحاديث الواردة في هذا الموضوع، يدل على أن سجود السهو يكون في الصلاة الثنائية، والثلاثية، والرباعية؛ وهو عام في جميع الصلوات فرضا كانت، أو نفلا -كما أشرنا.
قال ابن قدامة في المغني: وَحُكْمُ النَّافِلَةِ، حُكْمُ الْفَرْضِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا، إلَّا أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ قَالَ: لَا يُشْرَعُ فِي النَّافِلَةِ. وَهَذَا يُخَالِفُ عُمُومَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ.» وَقَالَ: «إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَزَادَ، أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» وَلَمْ يُفَرِّقْ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَاتُ رُكُوعٍ، وَسُجُودٍ، فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهَا كَالْفَرِيضَةِ، وَلَوْ قَامَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقِيَامِ إلَى ثَالِثَةٍ فِي الْفَجْرِ.. اهـ.
والله أعلم.