الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغلو قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو. رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في اقتضاء الصراط المستقيم: قوله: إياكم والغلو في الدين ـ عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال، والغلو مجاوزة الحد بأن يزاد في مدح الشيء أو ذمه على ما يستحق. انتهى.
وبهذا يتبين معنى الغلو ـ فهو مجاوزة الشرع لا التزام الشرع، كما يظن بعض الناس ـ فإذا تبين هذا، فلا يخلو المرمي بالغلو من حالين:
1ـ أن يكون متصفا به بالفعل، فالمشروع تنبيهه، وتحذيره منه، ونصيحته، وبيان نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه كما في الحديث السابق، مع اتباع الآداب العامة في الدعوة إلى الله تعالى والنصح للمسلم، ولا ينبغي نبزه بذلك وتعييره به خاصة أمام الناس.
2ـ أن يكون بريئا من ذلك، فيحرم رميه بذلك، ومواجهته به من أذية المسلم، والواجب الحذر من ذلك، وليحذر الإنسان أن تكون وظيفته تصنيف الناس، والغفلة عن نفسه، قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى: والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتام المعرفة، تام الورع. اهـ
وانظر في ذلك: تصنيف الناس للشيخ بكر أبي زيد، ومظاهر الغلو في الاعتقاد والعمل والحكم على الناس لعبد السلام برجس.
والله أعلم.