الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية، نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير, ثم إن الواجب في حقك أن تواصل قضاء الفوائت بحسب طاقتك، حتى يغلب على ظنك أنك قد قضيتَ جميع الفرائض التي تركتَها, وأن ذمتك قد برئت.
جاء في المغني لابن قدامة: إذا كثرت الفوائت عليه، يتشاغل بالقضاء، ما لم يلحقه مشقة في بدنه، أو ماله، أما في بدنه فأن يضعف، أو يخاف المرض. وأما في المال فأن ينقطع عن التصرف في ماله، بحيث ينقطع عن معاشه، أو يستضر بذلك. وقد نص أحمد على معنى هذا. فإن لم يعلم قدر ما عليه، فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته. قال أحمد في رواية صالح، في الرجل يضيع الصلاة: يعيد، حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع. ويقتصر على قضاء الفرائض، ولا يصلي بينها نوافل، ولا سننها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته أربع صلوات يوم الخندق، فأمر بلالا فأقام، فصلى الظهر، ثم أمره فأقام، فصلى العصر، ثم أمره فأقام، فصلى المغرب، ثم أمره فأقام، فصلى العشاء. ولم يذكر أنه صلى بينهما سنة؛ ولأن المفروضة أهم، فالاشتغال بها أولى، إلا أن تكون الصلوات يسيرة، فلا بأس بقضاء سننها الرواتب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة الفجر، فقضى سنتها قبلها. انتهى.
وأنت على صواب فيما تقوم به من البدء بصلاة الفجر, ولا يجب عليك أن تبدأ بصلاة الظهر عند قضائك للفوائت, وإنما هو مندوب عند بعض أهل العلم في حق مَن عليه فوائت يجهل عينها, وقيل أيضا يبدأ بالفجر.
جاء في منح الجليل لمحمد عليش المالكي: (وندب تقديم ظهر) في قضاء الست؛ لأنها أول صلاة، صلاها جبريل عليه السلام، بالنبي صلى الله عليه وسلم، صبيحة ليلة الإسراء عند الأكثر، وقيل يبدأ بالصبح, ابن عرفة: وهو أولى, الحطاب: لأنها أول صلاة النهار. انتهى.
وللمزيد عن كيفية قضاء الفوائت, راجع الفتوى رقم: 61320.
والله أعلم.