الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سؤال الناس استكثارًا لا يجوز كما دلت على ذلك النصوص الشرعية، ومنها الحديث الذي أشار إليه السائل، قال أبو حامد الغزالي في الإحياء: السؤال حرام في الأصل، وإنما يباح بضرورة أو حاجة مهمة قريبة من الضرورة، فإن كان عنها بدٌ فهو حرام. اهـ.
وقال المناوي في فيض القدير: فإن احتاج ولم يقدر على كسب لائق جاز بشرط أن لا يذل نفسه ولا يلح ولا يؤذي المسؤول؛ فإن فقد شرط منها حرم اتفاقًا. اهـ.
أما السؤال لحاجة أو من غير تكثر فلا يمنع؛ جاء في نيل الأوطار: قوله: (تكثرًا) فيه دليل على أن سؤال التكثر محرم, وهو السؤال لقصد الجمع من غير حاجة. اهـ.
وفي المحلى لابن حزم: وأما من طلب غير متكثر فليس مكروهًا. اهـ.
وفي حاشية السندي على ابن ماجه: قَوْله (تَكَثُّرًا) أَيْ: لَيُكْثِرَ بِهِ مَالَهُ أَوْ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاح وَالْمُبَالَغَة فِي السُّؤَال.
وعلى هذا؛ فإن ما ذكره السائل ليس من باب السؤال الممنوع؛
- فالطلب من أحد الأقارب أو الأصدقاء أن يعزمه مقابل كونه قد عزمه من قبل أو ما شابه فليس سؤالًا للتكثر وجمع المال.
- كما أن الأكل من بيت الأهل ليس من هذا الباب، فهو في العادة حاصل بطيب نفس منهم دون سؤال، ولا يؤثر في الأمر كون الآكل لديه مال يستطيع أن يشتري به الطعام.
- وهكذا توزيع المهام بين الأصدقاء بحيث يحضر كل أحد منهم شيئًا معينًا فليس فيه سؤال، وإنما هو تعاون بينهم، وهو أمر محمود إذا كان الغرض منه حسنًا.
- أما الطلب من أحد الأقارب أو الأصدقاء أن يحضر بعض الأغراض فإن كان لغير حاجة فيخشى أن يكون من باب السؤال الممنوع، وقد مرّ معنا كلام الغزالي، وهو صريح في أن السؤال عمومًا لا يجوز إلا لحاجة قريبة من الضرورة. وهذا بخلاف ما لو اتصل ذلك الصديق أو القريب وطلب إخباره بما يحتاج إليه، مع أن الأولى التعفف على كل حال.
والله أعلم.