الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعل هذا الرجل مع الفتاة المذكورة الأجنبية عنه محرم ومنكر عظيم، وهو من كبائر الذنوب، فإن نظر الأجنبية بشهوة مع خوف الفتنة أو لمسها أو الخلوة بها كل ذلك معدود من الكبائر، فكيف بمن جمع ذلك؟ قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الثانية والأربعون، والثالثة والأربعون، والرابعة والأربعون بعد المائتين: نظر الأجنبية بشهوة مع خوف فتنة، ولمسها كذلك، وكذا الخلوة بها بأن لم يكن معهما محرم لأحدهما يحتشمه ولو امرأة كذلك، ولا زوج لتلك الأجنبية، أخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه..... اهـ.
ثم ذكر ـ رحمه الله ـ جملة من الأدلة في تحريم النظر، ثم قال: تنبيه: عد هذه الثلاثة من الكبائر هو ما جرى عليه غير واحد، وكأنهم أخذوه من الحديث الأول وما بعده, لكن الذي جرى عليه الشيخان وغيرهما أن مقدمات الزنا ليست كبائر، ويمكن الجمع بحمل هذا على ما إذا انتفت الشهوة وخوف الفتنة، والأول على ما إذا وجدتا، فمن ثم قيدت بهما الأول حتى يكون له نوع اتجاه، وأما إطلاق الكبيرة ولو مع انتفاء ذينك فبعيد جدا. اهــ.
وإذا تقرر هذا فعلى الرجل المذكور أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل، وكذلك الفتاة، فإنها شريكته في الإثم إن كانت مطاوعة له فيما حصل غير مكرهة عليه، ولا بد للتوبة من شروط بيناها في الفتوى رقم: 29785.
والله أعلم.