الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان ينبغي عليك حال سفرك أن تبذل ما تيسر من أسباب وصل خالك، كالاتصال الهاتفي، وتوسيط أهل الخير، وإرسال الكتب (الخطابات)، ونحو ذلك، وأن لا تنتظر حتى تعود من سفرك، وذلك مبادرةً بالأعمال، فإن الإنسان لا يدري ما تخبئه الأقدار، وهذا الذي كان، فقد مات الرجل قبل أن ترجع من سفرك وتحقق مرادك في وَصله، وعلى كل حال إن كنت قد عزمت عزمًا جازمًا على وصل خالك وإنهاء خصومته والاصطلاح معه عندما تعود من سفرك، واتخذت ما أمكنك من الأسباب المؤدية إلى ذلك، فلست قاطعًا للرحم إن شاء الله، فإن العزم الجازم ينزل منزلة الفعل الحقيقي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ إذَا فَعَلَ مَعَهَا الْإِنْسَانُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ فِي الشَّرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ التَّامِّ، لَهُ ثَوَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ وَعِقَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ الَّذِي فَعَلَ جَمِيعَ الْفِعْلِ الْمُرَادِ، حَتَّى يُثَابَ وَيُعَاقَبَ عَلَى مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ قُدْرَتِهِ. ا.هـ. والمراد بالإرادة الجازمة النيةُ، مع فعل الإنسان ما يقدر عليه من الأسباب، وأما حديث النفس فهو خواطر تمر سريعًا ثم تذهب، فمثل هذه لا يترتب عليها، حكم، قال ابن القيم: قاعدة الشريعة أن العزم التام إذا اقترن به ما يمكن من الفعل أو مقدمات الفعل نزل صاحبه فى الثواب والعقاب منزلة الفاعل التام كما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار)، قالوا: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: (إنه كان حريصاً على قتل صاحبه). ا.هـ.
وإذا كان قد ترتب على هذه الخصومة ظلم وبغي فيجب عليك التوبة إلى الله تعالى والندم على ما كان منك، مع التحلل من المظالم المادية (إن وُجدت)، وإرجاع حقوق خالك لورثته، كما بينَّا ذلك في الفتوى رقم: 236200.
والله أعلم.