الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقراءة القرآن بصوت جماعي في آن واحد كرهها جماعة من أهل العلم؛ لتضمنها ترك الاستماع، والإنصات، وللزوم تخليط بعضهم على بعض، والكراهة معتمد مذهب المالكية، وهو المذهب الفقهي السائد في بلاد المغرب، وانظر الفتوى رقم: 27933، عن صور القراءة الجماعية وحكم كل صورة.
وإلزام الإمام بها إن كان لأجل تعليم الناس القراءة، فنرجو أن لا بأس به.
وأما إن كان لاعتقاد فضيلة تلك الطريقة، واستحبابها في وقت معين، كدبر الصلوات مثلًا، فهذا بدعة في الدين؛ إذ لم يأت الشرع بالقراءة الجماعية دبر الصلوات.
ولا ينبغي للإمام حينئذ موافقتهم على تلك البدعة، وإذا أجبر عليها، وعلم أنه إن لم يطعهم ترتب على ذلك مفسدة، كأن يؤتى بإمام لا تتوافر فيه شروط الإمامة، فنرجو أن لا حرج عليه في الموافقة، ولينوِ بها تعليم الناس القراءة الصحيحة، وليخبر المصلين أن الغرض من القراءة الجماعية تعليمهم القراءة، وأحكام التجويد، وليحثهم على أن يقلدوه في تلك الأحكام، فلعله حينئذ أن يؤجر- إن شاء الله تعالى-، ويَقْلِبَ تلك البدعة إلى طاعة، وقد قال النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ. رواه البخاري.
وقد أحسن بما ذهب إليه من القراءة، وإنصات السامعين، وأما أن يقرأ، ويردد خلفه الحاضرون بصوت واحد، فهذا من القراءة الجماعية المكروهة كما سبق.
والله تعالى أعلم.