الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا التنبيه على أننا لا نرى جواز عملية التلقيح الصناعي لمن كان قادرًا على الإنجاب بالطريقة المعتادة، لما في ذلك من الاطلاع على العورة المغلظة دون ضرورة. وراجعي للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7888، 34131، 140463. وواضح من السؤال أن السائلة وزوجها لا يعانيان من مرض يمنع الحمل ويعيق الإنجاب بالطريقة المعتادة، فقد ولد لهما طفل منذ خمس سنوات، وحملت السائلة حديثًا وأسقطت بسبب دواء مضر!
وكذلك مجرد احتمال اكتساب المولود لصفة ما، ككثافة الشعر للأنثى، أو مجرد الرغبة في تحديد جنس المولود؛ لا يبرر اللجوء إلى التلقيح المجهري ونحوه؛ للعلة السابقة، وهي كشف العورة المغلظة والاطلاع عليها دون ضرورة.
وقد بحث مجمع الفقه الإسلامي في دورته التاسعة عشرة موضوع: (اختيار جنس الجنين) وجاء في قراره ما يلي: بعد الاستماع للبحوث المقدمة، وعرض أهل الاختصاص، والمناقشات المستفيضة. فإن المجمع يؤكد على أن الأصل في المسلم التسليم بقضاء الله وقدره، والرضى بما يرزقه الله من ولد، ذكرًا كان أو أنثى، ويحمد الله تعالى على ذلك، فالخيرة فيما يختاره الباري -جل وعلا-، ولقد جاء في القرآن الكريم ذم فعل أهل الجاهلية من عدم التسليم والرضى بالمولود إذا كان أنثى قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} ولا بأس أن يرغب المرء في الولد ذكرًا كان أو أنثى، بدليل أن القرآن الكريم أشار إلى دعاء بعض الأنبياء بأن يرزقهم الولد الذكر، وعلى ضوء ذلك قرر المجمع ما يلي:
أولًا: يجوز اختيار جنس الجنين بالطرق الطبعية؛ كالنظام الغذائي، والغسول الكيميائي، وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة؛ لكونها أسبابًا مباحة لا محذور فيها.
ثانياً: لا يجوز أي تدخل طبي لاختيار جنس الجنين، إلا في حال الضرورة العلاجية في الأمراض الوراثية، التي تصيب الذكور دون الإناث، أو بالعكس، فيجوز حينئذٍ التدخل، بالضوابط الشرعية المقررة، على أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة، لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة من الأطباء العدول، تقدم تقريرًا طبيًّا بالإجماع يؤكد أن حالة المريضة تستدعي أن يكون هناك تدخل طبي حتى لا يصاب الجنين بالمرض الوراثي، ومن ثم يعرض هذا التقرير على جهة الإفتاء المختصة لإصدار ما تراه في ذلك ... اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 5995.
والله أعلم.