الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤال المرأة الطلاق إن كان لمسوّغ فلا حرج فيه، وإلا فهي منهية عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ". رواه أحمد. قال السندي: "أَيْ فِي غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْأَذَى مَا تُعْذَرُ فِي سُؤَالِ الطَّلَاقِ مَعَهَا". حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 632). وراجع الحالات التي يجوز للمرأة فيها سؤال الطلاق في الفتويين: 37112، 116133.
ومن حق الزوجة أن يكون لها مسكن مستقل مناسب، ولا حقّ لزوجها في إسكانها مع أهله في بيت مشترك دون رضاها، والمقصود بالمسكن المستقل: أن يكون للزوجة جزء من الدار مناسب لها منفصل بمرافقه؛ جاء في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر: "وفي شرح المختار: ولو كان في الدار بيوت وأبت أن تسكن مع ضرتها ومع أحد من أهله إن خلى لها بيتًا وجعل له مرافق وغلقًا على حدة ليس لها أن تطلب بيتًا آخر".
ومن شرط على امرأته في العقد أن يسكنها مع أهله ورضيت بذلك، فلا حق لها في المطالبة بمسكن مستقل، ولا سيما إذا لم يكن قادرًا على ذلك؛ قال ابن تيمية -رحمه الله-: "ومَنْ شرط لها أن يسكنها منزل أبيه فسكنت، ثم طلبت سكنى منفردة وهو عاجز لم يلزمه ما عجز عنه، بل لو كان قادرًا فليس لها عند مالك. وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد، وغيره، غير ما شرط لها" الاختيارات الفقهية - (1 / 541).
وإذا كانت زوجة هذا الرجل قد تركت بيته دون عذر فهي ناشز تأثم بنشوزها، وإذا كان أبوها أعانها على ذلك فهو آثم، وإذا سألت الطلاق دون مسوّغ فلا حرج على زوجها في عدم إجابتها إلى الطلاق وتركها حتى تسقط له بعض حقوقها فيطلقها. وانظر الفتوى رقم: 73322.
والذي ينبغي عليك فعله: أن تأمر الزوجين بالمعروف، وتسعى في الإصلاح بينهما، وتستعين على ذلك بتوسيط بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم؛ لعل الله يصلح أمر الزوجين ويجمع شملهما على خير.
والله أعلم.