الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل من قصد غيره بشر يعد صائلا، جاء في الموسوعة الفقهية: والصائل هو من قصد غيره بشر سواء أكان الصائل مسلما أم ذميا أم عبدا أم حرا أم صبيا أم مجنونا أم بهيمة, فيجوز دفعه عن كل معصوم من نفس, أو طرف, أو منفعة, وعن البضع, ومقدماته, وعن المال, وإن قل. اهـ
وعلى هذا، فإذا كان الشخص الذي تضاربت معه وذكرت أنه ظالم لك يقصدك بشر مثل أن يريد الاعتداء على نفسك أو مالك أو عرضك؛ فإنه يعد صائلا، ويشرع لك دفعه بما يندفع به، وإن لم يكن يقصد شيئا من ذلك فلا يعد صائلا ولا وجه لدفعه ولا للتضارب معه لا بالحديدة ولا بغيرها لأن ذلك إنما أبيح في حق الصائل.
والدفع يكون بالأخف فالأخف. فإذا كان من ظلمك وصال عليك يندفع بما دون الضرب بالحديدة أو السكين فلا يجوز لك استعمالهما، وإن لم يكن يندفع إلا بذلك فلا حرج في استعمالهما لدفعه، جاء في روض الطالب: ويجب الدفع للصائل بالأخف إن أمكن كالزجر ثم الاستغاثة، ثم الضرب باليد ثم بالسوط، ثم بالعصا، ثم بقطع عضو، ثم بالقتل... ومتى أمكنه الهرب أو التخلص لزمه... اهـ
ومخالفة الترتيب المذكور يترتب عليها الضمان، حيث كان الترتيب ممكنا، وكان الصائل معصوم الدم، أما إن تعذر الترتيب لالتحام الصائل بالمصول عليه مثلا، أو كان الصائل ليس بمعصوم الدم فلا تلزم مراعاته حينئذ، جاء في أسنى المطالب: لو التحم القتال بينهما وانسد الأمر عن الضبط سقط مراعاة الترتيب، كما ذكره الإمام في قتال البغاة، ولو اندفع شره كأن وقع في ماء أو نار أو انكسرت رجله، أو حال بينهما جدار أو خندق لم يضر به كما صرح به الأصل، وفائدة الترتيب المذكور أنه متى خالف وعدل إلى رتبة مع إمكان الاكتفاء بما دونها ضمن... ومحله أيضاً في المعصوم، وأما غيره كالحربي، والمرتد، فله العدول إلى قتله لعدم حرمته... فإن أمكن دفعه به بلا جرح له فجرح ضمن بخلاف ما إذا لم يمكن، ومتى أمكنه الهرب أو التخلص بنحو تحصن بمكان حصين أو التجأ إلى فئة لزمه ذلك؛ لأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون. اهـ
ويعلم مما سبق أنك إذا لم تستطع مقاومة الصائل إلا بما ذكرت فلا شيء عليك في ذلك.
والله أعلم.