الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء متفقون على أن الحضانة في الأصل حق الأم وهي مقدمة على الأب وغيره ممن له حق في الحضانة ما لم تتزوج أو يمنعها مانع آخر، ذكر ذلك
الباجي في المنتقي، وذلك لما رواه
أحمد وأبو داود وغيرهما عن
ابن عمر رضي الله عنهما أن امرأة قالت:
يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني؟ فقال: أنت أحق به ما لم تنكحي. ولعل ما فعلته المحكمة من منع هؤلاء الأطفال من أمهم هو لأنها متزوجة أو بها مانع آخر، أو للمحافظة على الأبناء من فساد دينهم وأخلاقهم إذا عاشوا في بيئة غير مسلمة، أو لأنهم تجاوزوا سن السابعة من أعمارهم حيث ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الحضانة تنتهي إذا بلغ الطفل سبع سنين، إلى غير ذلك من الاعتبارات، فإن كان الأمر كذلك فهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى وخاصة أن المحافظة على الدين من أوكد الواجبات
والأولاد يتبعون للآباء في النسب والدين، قال الله تعالى:
ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:5].
وقال
مالك في المدونة:
الولد على دين الأب. انتهى.
وهذا لا يعني إسقاط حقوق الأم، فالأم لها اعتبارها في الإسلام ولها من الحقوق والبر أكثر مما للأب، ففي الصحيحين عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من ؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
ولعل الحكمة من نسبة الابن إلى الأب ـوالله أعلمـ هي احتمال نفي نسبته إليه، أما الأم فلا يمكن نفي نسبته إليها، ولهذا لا يُحَدُّ من نفى نسب الابن عن أمه، ولعل من الحكمة أيضاً تكريم الله تعالى للإنسان حيث أن جميع الحيوانات تنسب إلى أمهاتها أما الإنسان فهو وحده الذي ينسب إلى أبيه ولعل منها كذلك أن الرجل هو أصل البشرية، ولمزيد من الفائدة عن الحضانة نحيلك إلى الفتوى رقم: 16480.
والله أعلم.