الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكفي غلبة الظن بكون الشخص مستحقا للزكاة، ولا يشترط اليقين في ذلك، بل قد ذهب كثير من أهل العلم إلى الإجزاء إذا دفع لمن يغلب على ظنه فقره حتى لو بان له بعد ذلك عدم استحقاقه، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: قوله: إلا لغني ظنه فقيراً، فإنه يجزئه ـ هذا مستثنى من قوله: أو بالعكس ـ مثل: رجل جاء يسأل، وعليه علامة الفقر فأعطيته من الزكاة فجاءني شخص فقال: ماذا أعطيته؟ قلت: زكاة، قال: هذا أغنى منك، فتجزئ، لأنه ليس لنا إلا الظاهر، ومثل ذلك الذين يسألون في المدارس والمساجد ثم نعطيهم بناء على الظاهر، والدليل على ذلك: قصة الرجل الذي تصدق ليلة من الليالي فخرج بصدقته فدفعها إلى شخص فأصبح الناس يتحدثون: تصدق اليلة على غني، فقال: الحمد لله على غني ـ يرى أنها مصيبة ـ ثم خرج مرة أخرى فتصدق على بغي ـ زانية ـ فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على بغي، فقال: الحمد لله على غني وبغي، ثم خرج مرة ثالثة فتصدق فوقعت الصدقة في يد سارق، فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على سارق، فقال: الحمد لله على غني وبغي وسارق، فقيل له: أما صدقتك: فقد قبلت، أما الغني: فلعله يتذكر ويتصدق، وأما البغي: فلعلها تستعف، وأما السارق: فلعله يكتفي بما أعطيته عن السرقة. انتهى.
فإذا علمت هذا، فلا حرج عليك في الدفع لهؤلاء الناس مادام الغالب على ظنك كونهم مستحقين، والذي يدفع إليهم هو ما يكفيهم لسنة عند كثير من أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 178159.
فعليك أن تتحرى قدر كفايتهم أو ما تكمل به كفايتهم في تلك المدة ثم تدفعه إليهم، وأما على قول من يرى من الفقهاء أنك تدفع إليهم كفاية العمر الغالب، فالأمر يسير، ولا حرج عليك في العمل بهذا القول، فإن دفعت إليهم أكثر من كفاية السنة أجزأك ـ إن شاء الله ـ ثم إنك تدفع للمرأة ما تحتاج إليه وتدفع للرجل ما يحتاجه في النفقة على نفسه ومن تلزمه نفقته، ولا تدفع إليه ما تستحقه أخته.
والله أعلم.