الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعمد ابتلاع الدم الخارج من الفم لا يجوز ـ لا في الصيام ولا غيره ـ بل يجب مجه لكونه نجسا، وتعمد ذلك في أثناء الصيام مفسد للصوم.
وعليه؛ فالواجب عليك إذا شعرت بشيء من الدم حقيقة -وليس شكا ولا وسوسة- في فمك أن تمجه وتطرحه، فإذا تعمدت ابتلاعه وأنت صائم فسد صومك، وإذا سبق إلى جوفك من غير تعمد منك فصومك صحيح، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ: خروج الدم من قلع الضرس لا يؤثر ولا يضر الصائم شيئاً، ولكن يجب على الصائم أن يتحرز من ابتلاع الدم، لأن الدم خارج طارئ غير معتاد، يكون ابتلاعه مفطراً، بخلاف ابتلاع الريق، فإنه لا يفطر، فعلى الصائم الذي خلع ضرسه أن يحتاط وأن يحترز من أن يصل الدم إلى معدته، لأنه يفطر، لكن لو أن الدم تسرب بغير اختياره، فإنه لا يضره، لأنه غير متعمد لهذا الأمر. انتهى.
أما إذا لم تشعر بوجود الدم في فمك فلا يلزمك التأكد من ذلك؛ لأن الأصل عدم وجوده، ولما في مداومة التأكد من الحرج والمشقة المنفيين في الشرع، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}،
وقال: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185}.
وإذا وجد الدم في فمك وطرحته منه فينبغي لك المضمضة أيضا لئلا تبتلع الريق المختلط بالدم أو أثره فيفسد الصوم بذلك كما صرح به بعض الفقهاء، قال الشربيني في مغني المحتاج ـ وهو يعدد ما يفسد الصوم ـ: (أو ابتلع ريقه مخلوطا بغيره) الطاهر كأن فتل خيطا مصبوغا تغير به ريقه (أو) ابتلعه (متنجسا) كمن أكل شيئا نجسا ولم يغسل فمه قبل الفجر، أو دميت لثته ولم يغسل فمه وإن ابيض ريقه ثم ابتلعه صافيا (أفطر). اهـ.
وهذا ما لم يكثر الدم ويعسر الاحتراز منه فعند ذلك يعفى عن أثره ويكفي طرحه دون المضمضة منه للمشقة. وانظر الفتوى رقم: 150999.
والله أعلم.