الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الإمام قد ركع ورفع من الركوع وأنت لم تزل قائما وكنت مفرطا بأن أمكنك إغلاق الهاتف قبل رفعه ولكن تراخيت في ذلك أو لم يكن في تركه تشويش ففي بطلان صلاتك والحال هذه خلاف بين العلماء، فالمعتمد عند الحنابلة أن من تخلف عن الإمام بالركوع لغير عذر بطلت صلاته، قال في شرح منتهى الإرادات : (وَإِنْ تَخَلَّفَ) مَأْمُومٌ عَنْ إمَامِهِ (بِرُكْنٍ بِلَا عُذْرٍ فَكَسَبْقٍ) بِهِ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ رُكُوعًا بَطَلَتْ، وَإِلَّا فَلَا (وَ) إنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بِرُكْنٍ (لِعُذْرٍ) مِنْ نَوْمٍ، أَوْ سَهْوٍ، أَوْ زِحَامٍ وَنَحْوِهِ فَ (إنْ فَعَلَهُ) أَيْ: الرُّكْنَ الَّذِي تَخَلَّفَ بِهِ (وَلَحِقَهُ) صَحَّتْ رَكْعَتُهُ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، حَيْثُ أَمْكَنَهُ اسْتِدْرَاكُهُ مِنْ غَيْرِ مَحْذُورٍ. انتهى.
وذهب كثير من الفقهاء كالشافعية إلى أن الصلاة لا تبطل والحال هذه، قال النووي في المنهاج: وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ. انتهى، وعندهم وجه بالبطلان، قال الخطيب في شرح كلام النووي المتقدم: (وَإِنْ تَخَلَّفَ) الْمَأْمُومُ (بِرُكْنٍ) فِعْلِيٍّ عَامِدًا بِلَا عُذْرٍ (بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (فِيمَا قَبْلَهُ) كَأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ رَفْعَ الِاعْتِدَالِ وَالْمَأْمُومُ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ تَخَلُّفٌ يَسِيرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ طَوِيلًا كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ، أَمْ قَصِيرًا كَأَنْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَهَوَى مِنْ الْجِلْسَةِ بَعْدَهَا لِلسُّجُودِ وَالْمَأْمُومُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِي: تَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. انتهى.
وإذا علمت هذا فلو قضيت تلك الصلاة احتياطا وإبراء للذمة كان ذلك أولى، ولا حرج عليك في العمل بقول من لا يرى عدم لزوم القضاء إن شاء الله، وأما إن كنت معذورا فصلاتك صحيحة عند الجميع.
والله أعلم.