الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنك لا تزال محرما ويلزمك تجنب محظورات الإحرام، ومنها لبس المخيط، فيجب عليك نزع ثيابك والتوجه إلى مكة وإكمال العمرة، وما ذكرت من ضياع الإقامة ليس عذرا يبيح لك ترك إكمال النسك؛ إذ بإمكانك أن تستخرج بدلها عند الجهة المصدرة لها ثم تذهب لمكة وتكمل عمرتك، ويمكنك أن تتوجه لمكة قبل استخراج بطاقة الإقامة وتخبر الجهات المختصة بأنك مقيم وتستدل على إقامتك بما لديك من أوراق أخرى كرخصة السيارة أو عنوان أو شخص يعرفك ولن تعدم وسيلة تُعْلِمَهُمْ فيها بأنك مقيم، وإذا تعذر بكل حال الذهاب لمكة وكنت قد اشترطت أثناء الإحرام بأن محلك حيث حُبِسْتَ وخفت ضررا إن ذهبت لمكة فلك أن تتحلل مجانا ولا يلزمك شيء، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: وإذا كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يمنعه من إتمام نُسكهِ؛ من مرض أو غيره، فإنه يُسن أن يشترط عند نية الإحرام، فيقول عند عقده: «إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني»، أي: إن منعني مانعٌ من إتمام نُسكي من مرض أو تأخرٍ أو غيرهما، فإني أحلُّ بذلك من إحرامي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم دخل على ضباعة بنت الزبير فقال: «لعلك أردت الحج؟» فقالت: والله ما أجدني إلا وَجعة، قال: «حجي واشترطي، وقولي: اللهم مَحلي حيث حَبَستني، وقال: إن لك على ربك ما استثنيتِ» حديث صحيح. اهــ . وإذا لم تكن اشترطت ولم يمكنك إكمال العمرة وخفت على نفسك ضررا كسجن ونحوه إن أمسك بك الشرطة فإنك تعتبر محصرا وتتحلل تحلل المحصر وقد بيناه في الفتوى رقم: 135351.
وقد وقعت في محظور من محظورات الإحرام بلبسك المخيط وأنت على إحرامك، ويترتب عليه الفدية، وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين كل مسكين نصف صاع وهو ما يساوي كيلو ونصف تقريبا أو ذبح شاة، وإن كنت جاهلا بالحكم فنرجو أن لا تلزمك الفدية، فقد ذهب جمع من الفقهاء إلى أن الفدية تسقط في فعل المحظور جهلا، جاء في الروض مع حاشيته: وإن لبس ذكر مخيطا فدى عالم بالتحريم، ذاكر لإحرامه، مستديم لبسه فوق المعتاد في خلعه. اهـ. وقال البهوتي ـ رحمه الله ـ في الروض: ويسقط بنسيان أو جهل أو إكراه فدية لبس وطيب وتغطية رأس؛ لحديث: عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ومتى زال عذره أزاله في الحال... اهـــ. وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع في أقسام فاعل المحظورات: القسم الثالث: أن يكون معذورا بجهل، أو نسيان، أو إكراه، فعلى المذهب التفريق بين المحظورات، فبعضها لا تسقط فديته بالنسيان والجهل والإكراه وهو ما كان إتلافا، أو بمعنى الإتلاف، وبعضها تسقط وهو ما ليس كذلك... والصحيح أن جميعها تسقط، وأن المعذور بجهل أو نسيان أو إكراه لا يترتب على فعله شيء إطلاقا، لا في الجماع، ولا في الصيد، ولا في التقليم، ولا في لبس المخيط، ولا في أي شيء... اهـ.
والله تعالى أعلم.