الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقة على الأهل لا شك في فضلها وعظم أجرها ـ إذا ابتغي بها وجه الله تعالى ـ وخاصة إذا كانت من النفقة الواجبة فإنها تكون من أعظم القربات، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. رواه البخاري.
والنفقة على الأقارب عموما فيها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.
وبهذا تعلمين أن ما تنفقينه على أهلك يعتبر صدقة إذا ابتغيت بذلك الأجر من الله، علما بأن أبويك إن كانا محتاجين فيجب عليك الإنفاق عليهما إجماعا، جاء في كشاف القناع: قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. اهـ.
وإن كانا غير محتاجين فلا يجب عليك الإنفاق عليهما، لكن في إنفاقك عليهما بر بهما وصلة وصدقة؛ كما تقدم.
أما عن سؤالك عن كون الصدقة عليهما تغني عن التصدق على الفقراء، فجوابه: أن كلا منهما باب من أبواب الخير التي ينبغي للعبد أن لا يغفلها أو يقتصر على بعضها، وإن كانت الصدقة على الأقارب أفضل لجمعها بين الصدقة والصلة، فإن ذلك ليس على إطلاقه، وبالتالي، فالأولى عدم الاقتصار عليها خاصة مع وجود من هو أحوج من الأقارب، جاء في فيض القدير للمناوي عند شرح الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة، قال: الصدقة على المسكين الأجنبي صدقة فقط، وهي على ذي الرحم اثنتان ـ أي صدقتان اثنتان ـ صدقة وصلة، فهي عليه أفضل، لاجتماع الشيئين، ففيه حث على الصدقة على الأقارب وتقديمهم على الأباعد، لكن هذا غالبي وقد يقتضي الحال العكس، ولهذا قال ابن حجر عقب الخبر: لا يلزم من ذلك أن يكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقا، لاحتمال كون المسكين محتاجا ونفعه بذلك متعديا والآخر بعكسه. اهـ.
والله أعلم.