الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيظهر أنك مصابة بشيء من الوسوسة ومن ثم فنحن نحذرك من الوساوس وندعوك إلى مجاهدتها والسعي في التخلص منها، وأما قولك إن الاعتقاد بأن الأسباب تغير القدر شرك فكلام غير صحيح، وتفصيل ذلك في الفتويين رقم: 35295، ورقم: 124277.
فالله تعالى قد قدر الأشياء وعلمها أزلا، وما في علمه لا يتغير سبحانه وبحمده، ولكنه قدر وقوع الأشياء بأسباب تقتضيها، ثم ماذا كان يحصل لو تغيرت هذه الأسباب؟ علم ذلك إلى الله تعالى فهو وحده الذي يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون، قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهنا سؤال يعرض لكثير من الناس وهو: أنه إذا كان المكتوب واقعا لا محالة فلو لم يأت العبد بالعمل هل كان المكتوب يتغير؟ وهذا السؤال يقال في مسألة المقتول، يقال لو لم يقتل هل كان يموت؟ ونحو ذلك، فيقال: هذا لو لم يعمل عملا صالحا لما كان سعيدا ولو لم يعمل عملا سيئا لما كان شقيا، وهذا كما يقال: إن الله يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون، فإن هذا من باب العلم والخبر بما لا يكون لو كان كيف يكون، كقوله: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ـ وقوله: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ـ وقوله: لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ـ وقوله: ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ـ وأمثال ذلك، كما روي أنه يقال للعبد في قبره حين يفتح له باب إلى الجنة وإلى النار، ويقال: هذا منزلك ولو عملت كذا وكذا أبدلك الله به منزلا آخر، وكذلك يقال هذا لو لم يقتله هذا لم يمت، بل كان يعيش إلا أن يقدر له سبب آخر يموت به. انتهى.
والحاصل أن الذي يعلم ما كان يكون لو كنت رجلا هو الله تعالى وحده، ولكن تمنيك للخير ورغبتك فيه وعزمك على فعله لو أمكن ووجد سببه كتمنيك الجهاد لو كنت رجلا ونحو ذلك مما لا تأثمين به ـ إن شاء الله ـ على أن للمرأة ميادين كثيرة تجاهد فيها سوى ساحات الحرب، وانظري لبيان ذلك الفتويين رقم: 211396، ورقم: 133563.
والله أعلم.