الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لأبيك، ثم نقول: ما دام أبوك قد توفي بعد وجوب الزكاة عليه في ماله ولم يخرجها لسنتين، فالواجب إخراج الزكاة من ماله عن السنتين اللتين لم يزك خلالهما، لأن الزكاة لا تسقط عن الميت إذا مات بعد وجوبها، ففي الفروع لابن مفلح: ولا تسقط زكاة بالموت عن مفقود وغيره، وتؤخذ من التركة، نص عليه، ولو لم يوص بها كالعشر. اهـ.
وإخراج الزكاة الواجبة على الميت في حياته يكون قبل تقسيم تركته على ورثته، وراجع الفتوى رقم: 42049.
وراجع أيضا الفتوى رقم: 35577، حول كيفية الزكاة عن السنتين اللتين لم يزك فيهما أبوك.
ومما تقدم يعلم أن ما قام به الورثة من رفض إخراج الزكاة من مال الميت خطأ جسيم، وكان عليهم أن لا يوزعوا المال إلا بعد إخراج جميع الحقوق المتعلقة به ومنها الزكاة، وبالتالي، فالذي نراه الآن أن تجتمع بأمك وأخيك وبقية الورثة ـ إن وجدوا ـ وتطلب منهم إخراج الزكاة عن كل المال الذي تركه أبوكم، فإن استجابوا لذلك فنعما هي، وإن لم يستجيبوا فيكفيك إخراج الزكاة عن حصتك بحسب نسبتها في مجموع المال، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59703.
وما قرره الورثة من إخراج الزكاة من إيجار البيت المشار إليه والذي يستغرق إخراجها منه عشر سنوات ـ كما ذكرت ـ غير جائز، لما فيه من تأخير الزكاة عن مستحقيها لغير عذر، قال ابن قدامة في المغني: تجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه، والتمكن منه، إذا لم يخش ضرراً، وبهذا قال الشافعي.... قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يحول الحول على ماله، فيؤخر عن وقت الزكاة؟ فقال: لا، ولم يؤخر إخراجها؟ وشدد في ذلك قيل: فابتدأ في إخراجها فجعل يخرج أولاً فأولاً، فقال: لا، بل يخرجها كلها إذا حال الحول. انتهى بتصرف.
والله أعلم.