الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن سؤالك هذا ناشئ عن وسوسة، فإن يكن كذلك فعليك بطرح الوساوس، والإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها.
ثم إن نجاسة الخمر مختلف فيها بين العلماء، كما هو معلوم، ويسعك إن شق عليك الأمر، ورأيت أنك لا تستطيع التحرز مما ذكرت أن تأخذ بالقول بطهارتها، وليس هذا من تتبع الرخص المذموم على ما بيناه في الفتوى رقم: 134759.
ولا يلزمك أن تسأل من تقابله إن كان يستعمل الكحول أو لا؛ لأن الأصل عدم استعماله لها، كما أن الأصل في المواد التي تستعملها هو عدم دخول الكحول فيها، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الخمر لو خلطت بغيرها بحيث لا يظهر أثرها، بل تكون مستهلكة في هذا الخلط الطاهر، فإنه لا ينجس بذلك، وهذا اختيار الشيخ ابن عثيمين، قال -رحمه الله-: وأما خلط الخمر بغيره على وجه لا يظهر فيه أثره، فإن هذا لا يؤثر، فهو كما لو وقعت نجاسة بماء فلم تغيره، ففي هذه الحال لا يكون الماء نجسًا؛ فإذا عَجَن عجينًا بخمر فإنه يكون حرامًا، وهذا بشرط أن يسكر، ومعلوم أنك إذا عجنت العجين بخمر، فإنه سوف يؤثر عليه بلا شك، أما إذا لم يؤثر، أي: يكون خلطًا قليلًا يتضاءل، ويذهب أثره، فلا عبرة به. انتهى.
فالأمر يسير -إن شاء الله- وليس بهذا الضيق الذي تتصوره، فالأصل عدم وجود الكحول فيما تستخدمه من مواد، ثم لو كان مخلوطًا بها بحيث لا يؤثر فيها، فيسعك الأخذ بقول من يرى أن المائعات لا تنجس إلا بالتغير كالماء، وهو اختيار ابن تيمية.
ثم لو فرض مخالطة الكحول بنسبة كبيرة لتلك المواد، فمن العلماء من يرى طهارة الخمر، ويسعك الأخذ بمذهبهم، خاصة إن كنت موسوسًا كما قد يظهر من سؤالك، وانظر الفتوى رقم: 181305.
والله أعلم.