الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد دلَّ القرآن الكريم على أن ما عدا نوحا عليه السلام، ومن كان معه في السفينة، قد غرق وهلك، وأن الماء قد طغى، وارتفع على كل شيء فوق الأرض؛ قال تعالى: فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِين [الشعراء: 119، 120]، وقال تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ {الحاقة:11}.
جاء في تفسير الخازن: لَمَّا طَغَى الْماءُ: أي عَتا، وجاوز حدَّه، حتى علا على كل شيء، وارتفع فوقه، وذلك في زمن نوح عليه الصلاة والسلام، وهو الطوفان. اهـ.
ويقول الطبري: وكثر الماء حتى طغا، وارتفع فوق الجبال، كما تزعم أهل التوراة، بخمسة عشر ذراعا، فباد ما على وجه الأرض من الخلق، من كل شيء فيه الروح أو شجر، فلم يبق شيء من الخلائق إلا نوح، ومن معه في الفلك. اهـ.
وعليه؛ فإن قوم نوح، وكذا كل الحيوانات التي لم يحملها نوح في سفينته، كل ذلك قد هلك، والله أعلم أين ألقى الطوفان بجثثهم، ولا يترتب على معرفة ذلك كبير نفع، ولا ينبغي للمسلم أن يضيع وقته في البحث عما لا فائدة فيه. فالوقت ثمين، وسيسأل عنه المرء يوم القيامة سؤالين اثنين، فليعد لهما جوابا "عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه.."
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يهدينا وإياك لعمارة أوقاتنا بالعلم النافع، والعمل الصالح إنه سميع مجيب.
والله أعلم.