الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك التزم بتكاليف دراستك في حياته، فهذا يعتبر هبة، وتبرعًا منه، ولكن حكم هذه الهبة ينقطع، وينتهي بموت أبيك؛ لأن المال بمجرد موته ينتقل ملكه للورثة، وليس لك أن تختص بشيء منه دونهم، وراجع الفتوى رقم: 241867.
وإن كان أبوك أوصى بأن تكون تكاليف دراستك من ماله بعد موته، فهذه وصية لوارث، وهي باطلة إذا لم يمضها الورثة، بشرط كونهم بالغين راشدين، وقد ذكرت أن من بينهم صغارًا، ومن ثم؛ فلو افترضنا أن الورثة أمضوا هذه الوصية، فإنها لا تمضي في نصيب الصغار منهم، وراجع الفتوى رقم: 25102، والفتوى رقم: 121878.
وعلى أية حال؛ فإن ما قام به بعض إخوتك من الإنفاق على دراستك من مال الإرث إن كانوا فعلوه بنية الرجوع عليك (أي: المطالبة) فلهم الرجوع عليك به، وإن كانوا متبرعين به فليس لهم الرجوع كما بينا في الفتوى رقم: 58768، وإذا ثبت أن لهم الرجوع بما أنفقوا، فلك أن تصالحهم بحصتك، أو بعضها على ما تتفقون عليه.
ولا يدخل فيما تقدم نصيب إخوتك الصغار؛ لأن مال الصغار يقتصر التصرف فيه على الوصي عليهم، وتصرف الوصي مشروط، ومنوط بمصلحتهم، فإذا تصرف تصرفًا ليست فيه مصلحة لهم، فإنه يضمن ما يترتب عليه، جاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور، إلا على النظر، والاحتياط، وبما فيه حظ له، واغتباط؛ لحديث: "لا ضرر، ولا ضرار"، وقد فرعوا على ذلك أن ما لا حظ للمحجور فيه، كالهبة بغير العوض، والوصية، والصدقة، والعتق، والمحاباة في المعاوضة لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة، أو صدقة، أو عتق، أو حابى به، أو ما زاد في النفقة على المعروف، أو دفعه لغير أمين؛ لأنه إزالة ملكه من غير عوض، فكان ضررًا محضًا. اهـ.
وعليه؛ فإن كان إخوتك الكبار قد تعدوا على مال الصغار، فهم ضامنون لما أنفقوا منه.
وينبغي الرجوع في مثل هذه المسائل للقضاء الشرعي.
والله أعلم.