الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، وبعد:
فيشترط لمس المصحف للقراءة منه، أوغيرها الطهارة؛ لقول الله تعالى: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ {الواقعة:79}. وروى ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وغيرهما، أنه جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: ولا يمس القرآن إلا طاهر.
ونقل المباركفوري عن الحافظ ابن عبد البر أنه قال: وهو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم، معرفة يستغني بها في شهرتها عن الإسناد؛ لأنه أشبه المتواتر؛ لتلقي الناس له بالقبول ..."
فدلت الآية، والحديث بعمومهما أنه لا يمس القرآن إلا طاهر. ولكن قد بينا في فتاوى سابقة، أن لدائم الحدث أن يقرأ من المصحف دون تجديد الوضوء عند كل حدث، إذا ترتبت على ذلك مشقة، وراجع الفتويين التاليتين: 29023 // 15473.
وأما القراءة دون لمس المصحف، كمن يقرأ من حفظه، أو من جهاز ونحوه مما ليس بمصحف، فلا تشترط الطهارة لذلك.
قال الإمام النووي: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْمُحْدِثِ، وَالْأَفْضَلُ أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ لَهَا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ: وَلَا نَقُولُ قِرَاءَةُ الْمُحْدِثِ مَكْرُوهَةٌ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ مَعَ الْحَدَثِ. المجموع شرح المهذب.
والله أعلم.