الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالأضحية سنة مستحبة وليست واجبة في قول جمهور أهل العلم، كما بيّنّاه في الفتوى رقم: 43932. ولا شك أن الأفضل أن يتولى الذبحَ صاحبُ الأضحيةِ نفسُهُ، وإن تعذر فالأفضل أن يوكل من يذبحها، وهذا أفضل من الصدقة بثمنها؛ قال في مطالب أولي النهى: وذبحها -أي: الأضحية- وذبح عقيقة أفضل من صدقة بثمنها نصًّا. انتهى.
ولا ينبغي توكيل شخص غير مسلم في ذبحها؛ لأن من العلماء من يرى أنه لا يصح أن يوكل المضحي كتابيًّا ليذبح أضحيته -مع أن ذبح الكتابي حلال-؛ لأن ذبح هذه الذبيحة عبادة فلم يصح أن يوكل فيه كتابيًّا؛ وذلك لأن الكتابي ليس من أهل العبادة والقربة؛ لأنه كافر ولا تقبل عبادته؛ جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى صِحَّةِ التَّضْحِيَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ إِذَا كَانَ النَّائِبُ كِتَابِيًّا؛ لأِنَّهُ مِنْ أَهْل الذَّكَاةِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ -وَهُوَ قَوْلٌ مَحْكِيٌّ عَنْ أَحْمَدَ- إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ إِنَابَتِهِ، فَإِنْ ذَبَحَ لَمْ تَقَعِ التَّضْحِيَةُ وَإِنْ حَل أَكْلُهَا. اهـ.
فإن تعذر على أختك ذبح الأضحية في البلد التي هي فيه، وتعذر عليها أن توكل مسلمًا هناك ليتولى ذبح أضحيتها، فيمكنها أن توكل أحدًا في بلد من بلاد المسلمين كالبلد الذي يقيم فيه والداها ليقوم بذبح أضحية عنها، والسنة أن تهدي منها وتتصدق؛ فتهدي لوالديها شيئًا من الأضحية، وتتصدق على أقاربها المحتاجين أيضًا.
وإن لم توكل أحدًا وأرادت أن تتصدق بثمن الأضحية فلها ذلك، ويمكنها أن تتصدق بها على من تشاء من والديها أو أقاربها؛ لأنها صدقة مستحبة وليست واجبة، والأمر فيها واسع.
والله تعالى أعلم.