الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك على حرصك على الطهر والعفاف، وأن تلقي ربك راضيًا عنك، ونسأله سبحانه أن يرزقنا وإياك الجنة، ويعيذنا وإياك من النار، وما ذلك على الله بعزيز.
ولنفترض أنك قد وقعت في الزنا حقيقة، وعلى وجه لا يشك فيه، فإن الله عز وجل قد دعا الزاني إلى التوبة، فقال في ذكر صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}، فدعا إلى التوبة، ولم يدع إلى الاعتراف لإقامة الحد، ولم يعِد التائبين بالمغفرة فقط، بل أضاف إلى ذلك تبديل السيئات حسنات، تفضلًا منه وتكرمًا، وهو الجواد الكريم.
فلا يلزم الزاني شرعًا الاعتراف حتى يقام عليه الحد، ولا يجب على من وقع في ما يوجب الحد أن يعترف حتى يقام عليه الحد، بل ذكر أهل العلم أن المقر يستحب له الرجوع عن إقراره، وأنه لو رجع -ولو في أثناء إقامة الحد عليه- سقط عنه الحد، قال الهيتمي في تحفة المحتاج وهو في الفقه الشافعي: أما المقر فيستحب له الرجوع لما مر، فإن رجع عن الإقرار -ولو بعد الشروع في الحد- سقط عنه الحد؛ لتعريضه صلى الله عليه وسلم لماعز بالرجوع بقوله: لعلك قبلت، لعلك لمست، أبك جنون؟ ولأنهم لما رجموه قال: ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يسمعوا، وذكروا ذلك له صلى الله عليه وسلم، فقال: هلا تركتموه، لعله يتوب، فيتوب الله عليه. اهـ.
فالشريعة متشوفة للستر، فاستتري بستر الله، وأحسني فيما يستقبل، وأكثري من عمل الصالحات، وحضور مجالس الذكر، وصحبة النساء الخيرات، واجتنبي كل ما يدعو إلى الفتنة من خلوة، أو اختلاط محرم، ونحو ذلك.
وهذا كله على افتراض كون ما حصل زنى حقيقيًّا، فكيف والأمر مشكوك فيه؟!
وأما الانتحار فأنت مؤمنة، فإيمانك يحول بينك وبينه، وأنت أعقل من أن تلجئي إلى أمر هو داء، وليس بدواء، ينتقل المنتحر به من شقاء إلى شقاء أعظم، فيهلك نفسه من حيث يظن أنه أنجاها به، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.