الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الكره القلبي للأم بسبب تصرفاتها المشينة لا يعتبر عقوقًا لها؛ لأن هذه الأمور القلبية لا تحكم للإنسان فيها، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
ومما يجب هنا الحذر من أن يؤدي هذا الكره لأي نوع من الإساءة مهما صغرت، فإن هذا ما يوقع في العقوق، ولمعرفة ضابط العقوق راجع الفتوى رقم: 299953. ونصح الوالدين إن كان برفق ولين، وبالحكمة والموعظة الحسنة، فليس من العقوق في شيء، كما هو مبين في الفتوى رقم: 305638.
وقد أحسنت بصبرك على أمك، وحرصك على مناصحتها، ونوصيك بكثرة الدعاء لها بالتوبة والهداية إلى السبيل القويم؛ فالدعاء من أعظم أسلحة المؤمن، والرب الكريم أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، وهو لا يخلف وعده -سبحانه وتعالى-، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 119608، والفتوى رقم: 18103.
وابحث عن سبيل للوصول لبعض فضلاء الناس ممن ترجو أن يكون لهم تأثير على أمك؛ ليبذلوا لها النصح، ويرشدوها إلى الصواب؛ عسى أن يوفقوا في إقناعها -نسأل الله تعالى لها الخير والصلاح-.
ونوصيك وإخوتك بالحرص على جعل العلاقة بينكم على أحسن حال؛ فإن بينكم رحمًا تسألون عنها أمام الله تعالى يوم القيامة، فصلة الرحم واجبة، وقطيعتها محرمة، بل وكبيرة من كبائر الذنوب، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 26850. وانظر أيضًا الفتوى رقم: 50300.
والله أعلم.