الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره لكم القائمون على هذا المخيم من كون مبيتكم بمزدلفة صحيحا لأجل ازدحام منى وعدم وجود مكان بها تبيتون فيه كلام صحيح، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: مسألة: في هذه العصور الأخيرة نشأ إشكال بالنسبة للمبيت بمنى؛ وهو أن الناس لا يجدون مكاناً، فماذا يصنعون؟ الجواب: نقول: ينزلون عند آخر خيمة من خيام أهل منى، استدلالاً بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] فإن قال قائل: لماذا لا تجعلون هذا من جنس الحصر، والحصر عن الواجب فيه دم كما قاله الفقهاء؟ قلنا: لأن المكان هنا ممتلئ فلا مكان أصلاً، أما الحصر فالمكان باقٍ لكن يُمْنَعُ منه، أما هنا فلا مكان فهو مثل قطع اليد يسقط غسلها في الوضوء، فيسقط المبيت في هذه الحال، وأن الإنسان يجب أن يكون عند آخر خيمة، أما فعل بعض الناس إذا لم يجد مكاناً في منى ذهب إلى مكة أو إلى الطائف أو ما أشبه ذلك، وقال: ما دام لم نجد مكاناً في منى فلنبت حيث شئنا، فإن هذا ليس بصحيح؛ لأننا نقول: إن المسجد إذا امتلأ وجب اتصال الصفوف ولا تصح الصلاة من بعيد، وهذا كذلك نقول: يجب عليك أن تكون عند آخر خيمة في منى، وإذا سألنا سائل هل يجب أن أكون عند آخر خيمة في الجهة البعدي من مكة أو في أي جهة؟ فالجواب: في أي جهة، وعلى هذا؛ فيصح أن تكون في الجهة التي تلي مكة من وراء جمرة العقبة، ولا حرج ما دامت الخيام متصلة. انتهى.
فإن كنتم بذلتم وسعكم لأجل المبيت بمنى وعجزتم عن ذلك فلا يلزمكم شيء، وأما حجكم فصحيح بكل حال إن شاء الله، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا لم يتيسر لكم وجود مكان في منى وبذلتم ما في وسعكم واجتهدتم في الحصول على مكان بها فلم تجدوا مكانا بمنى تنزلون به؛ لشدة الزحام، فإنه لا حرج عليكم في هذه الحالة في المبيت خارج منى؛ للضرورة ويجزئكم ذلك إن شاء الله، ولا فدية عليكم في ترك المبيت بها لعدم التمكن منه؛ لقول الله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم. وقوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج. وقوله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. انتهى.
والله أعلم.