الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عقد الصالحي الشامي في كتابه سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد الباب الثالث في وفاة عبد الله بن عبد المطلب، وذكر فيه أقوال أهل السير في هذه المسألة حيث قال رحمه الله: قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أن توفي وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل به.
هذا ما جزم به ابن إسحاق ورجحه الواقدي وابن سعد والبلاذري، وصححه الذهبي وقال ابن كثير: إنه المشهور، وقال ابن الجوزي: إنه الذي عليه معظم أهل السّير، ورواه الحاكم وصححه، وأقره الذهبي عن قيس بن مخرمة رضي الله تعالى عنه.
قال غير ابن إسحاق: وذلك حين تمّ لها شهران، وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المهد حين توفي أبوه، وعليه؛ فقيل وله شهران، وقيل ثمانية وعشرون شهراً، وقيل تسعة أشهر، ونقل السّهيليّ عن الدّولابيّ أنه قول الأكثرين قلت: والحق أنه قول كثيرين لا أكثرين. انتهى.
وأما محمد بن سعد فقد ذكر في الطبقات الكبرى ثلاثة أقوال فقط، وهي أنه صلى الله عليه وسلم حمل لما توفي أبوه، والثاني أن عمر النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي أبوه كان ثمانية وعشرين شهرا، والقول الثالث أن عمره وقت وفاة أبيه كان سبعة أشهر، ثم رجح أنه كان حملا، حيث قال رحمه الله: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعْدَمَا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا ، وَيُقَالُ : سَبْعَةُ أَشْهُرٍ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : وَالأَوَّلُ أَثْبَتُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْلٌ. انتهى.
فهذه الأقوال التي ذكرها ابن سعد في الطبقات الكبرى ليس في قول منها أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد بعد وفاة أبيه بأربع سنوات، فهو من افتراءات هؤلاء الملحدين التي يضللون بها الناس، والقول الثاني الذي ذكره ابن سعد معناه أن والد النبي صلى الله عليه وسلم توفي حين كان عمر نبينا سنتين وأربعة أشهر.
والله أعلم.