الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمماطلته لك في رد الماعون من الظلم المحرم، وقد بينا أن للمظلوم مع من ظلمه ثلاث خيارا بيناها في الفتوى رقم: 54580، وقد ذكرنا أن أفضلها وأعظمها أجرا هو أن يعفو ويصفح، لينال أجره وثوابه من رب العالمين؛ لقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وهل يستوي أن يأخذ المرء حقه من مخلوق عاجز شحيح بخيل، أم يأخذ حقه وزيادة من رب غني كريم؟ لا شك أن العاقل سيتخار الثاني ويصبر ويعفو لوجه الله عز وجل لا خوفا من الظالم واستكانة له.
وعليه؛ فنصيحتنا لك أن تصبر وتعفو وتحتسب مظلمتك عند الله وتكل أمر الظالم إليه، ولن يزيدك ذلك إلا عزا ورفعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم -: (وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا) رواه مسلم.
وأما يلقيه الشيطان في خلدك من قصد الانتقام بما فيه مجاوزة لمظلمتك بل قد يترتب عليه موت الظالم أو نحو ذلك فهذا جرم كبير وذنب عظيم من فحشاء الشيطان التي يسولها لبني آدم، فإياك ثم إياك أن تتبع خطواته فتندم في الدنيا قبل الآخرة، فاستعذ بالله منه، والزم ما أشرنا به عليك، وستجد عاقبته محمودة، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 208948.
والله أعلم.