الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء المعاصرين قد اختلفوا في جواز أخذ التعويض المادي عن الضرر المعنوي، ولعل أكثرهم على المنع وقد أقر مجمع الفقه الاسلامي منع ذلك، واما الأقدمون فقد ذكر أصحاب الموسوعة الفقهية أنه لا يوجد لهم كلام عليه، فقد جاء في الموسوعة (13-40) تحت عنوان "التعويض عن الأضرار المعنوية":
لم نجد أحدا من الفقهاء عبر بهذا، وإنما هو تعبير حادث، ولم نجد في الكتب الفقهية أن أحدا من الفقهاء تكلم عن التعويض المالي في شيء من الأضرار المعنوية. انتهى.
وقد وجدنا نصوصا لبعض أهل العلم الأقدمين في منع مصالحة القاذف للمقذوف بمال يدفعه له والنيل من العرض ضرر معنوي فقد جاء في تهذيب المدونة:
ومن صالح من قذف على شقص أو مال، لم يجز، ورد ولا شفعة فيه، بلغ الإمام أو لا. انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي ـ رحمه الله ـ: وإن صالحه عن حد القذف لم يصح الصلح، لأنه إن كان لله تعالى لم يكن له أن يأخذ عوضه لكونه ليس بحق له، فأشبه حد الزنا والسرقة، وإن كان حقا له لم يجز الاعتياض عنه، لكونه حقا ليس بمالي، ولهذا لا يسقط إلى بدل، بخلاف القصاص، ولأنه شرع لتنزيه العرض فلا يجوز أن يعتاض عن عرضه بمال. انتهى.
وأما الضرر المالي فيحق لك طلب التعويض عنه، وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن موضوع الشرط الجزائي في البند الخامس: الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية، وما فاته من كسب مؤكد، ولا يشمل الضرر الأدبي، أو المعنوي. اهـ.
ويدخل الضرر النفسي في الضرر المعنوي كما قال الدكتور على القرة داغي:
التعريف بالضرر المعنوي:
يقصد بالضرر المعنوي أو الأدبي: الضرر غير المادي الذي يصيب الإنسان في شرفه وسمعته، بل وفي نفسيته من حزن وألم بسبب اعتداء وقع عليه، أو على عزيز عليه، يقول الأستاذ السنهوري: (الضرر الأدبي هو لا يمس المال، ولكن يصيب مصلحة غير مالية) مثل ما ينتج من تشويه الجسم، وتفويت الجمال، والإهانة، وفوت العزيز من آلام نفسية. اهـ
وللشيخ عبد الله آل خنين عضو هيئة كبار العلماء بحث مهم في هذه المسألة قدمه في إحدى دورات المجمع الفقهي عنوانه: "ضمان الأضرار المعنوية بالمال" وقد نقل فيه أقوال العلماء ورجح عدم التعويض بالمال عن الضرر المعنوي، والبحث موجود في شبكة الانترنت يمكنك الاطلاع عليه.
والله أعلم.