الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أن الكلام على إسناد هذه القصة، إنما هو فرع لوجودها في الكتب المسندة، من كتب الآثار، والتاريخ، والسير، وغيرها، وهذا ما لم نجده أصلًا؛ لذلك، فلا نرى حاجة للبحث عن صحة قصة مختلقة، ليس لها إسناد أصلًا، هذا من حيث الرواية.
وأما من حيث المعنى والدراية، فقد سبق أن أبطلناها، وذلك في الفتوى رقم: 114619.
وقال الدكتور عبد السلام آل عيسى في بحثه: (دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب، وسياسته الإدارية): أما عمر- رضي الله عنه- فقد ذكر عنه أنه وأد ابنة له في الجاهلية، ولم أجد من روى ذلك عن عمر، فيما اطلعت عليه من المصادر، ولكني وجدت الأستاذ عباس محمود العقاد أشار إليها في كتابه "عبقرية عمر" (ص/221) ... وقد شكك العقاد في صحة هذه القصة؛ لأن الوأد لم يكن عادة شائعة بين العرب، وكذلك لم يشتهر في بني عدي، ولا أسرة الخطاب التي عاشت منها فاطمة أخت عمر، وحفصة أكبر بناته، وهي التي كني أبو حفص باسمها، وقد ولدت حفصة قبل البعثة بخمس سنوات، فلم يئدها، فلماذا وأد الصغرى المزعومة؟ لماذا انقطعت أخبارها، فلم يذكرها أحد من إخوانها، وأخواتها، ولا أحد من عمومتها، وخالاتها؟ اهـ.
والله أعلم.