الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن النص المذكور، جزء من وثيقة العهد الذي عقده النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود، حين قدم المدينة. والمراد بهذا: أن اليهود من قبيلة بني عوف، يكونون مع المؤمنين، كما هو الحال في يهود قبائل الأوس والخزرج، أي يكونون معهم في النصرة، وتلزمهم النفقة على الحرب، وليس المراد أنهم من المومنين، فإن المؤمنين تجمعهم رابطة مستقلة، دون سائر الطوائف الأخرى.
فقد جاء في نص الوثيقة: وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس؛ وإنه من تبعنا من يهود، فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين، ولا متناصرين عليهم ....وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين؛ وإن يهود بني عوف، أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه، وأهل بيته، وإن ليهود بني النجار، مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الحارث، مثل ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني ساعدة، ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني جشم، مثل ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني الأوس، مثل ما ليهود بني عوف؛ وإن ليهود بني ثعلبة، مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه، وأهل بيته. اهـ.
وبنو عوف قبيلة عربية، وإنما تهود بعض أبنائها، كما تهود بعض أبناء الأوس، والخزرج بسبب أن المرأة فيهم تكون مقلّة، أي لا يعيش لها ولد، فتجعل علىٰ نفسها إن عاش لها ولدٌ أن تهوَّده. أخرجه أبو داود [2682]، وصححه الألباني. فمن ذلك تهوَّد بعضُ أبناء العرب، وعاشوا بين قبائل اليهود.
والله أعلم.