الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام قد حصل الشك في وصول رطوبة فم الكلب إلى الساق من وراء الحائل (التنورة) فالحكم للساق بالطهارة، حتى عند القائلين بنجاسة لعاب الكلب؛ لأن الأصل عدم تنجسها.
أما موضع العضة من التنورة، فمذهب المالكية هو طهارة لعاب الكلب، وأن الأمر بغسل إناء الماء الذي ولغ فيه الكلب هو على الاستحباب لا الوجوب، ولمعنى آخر غير النجاسة، وأن الأمر بالغسل مختص بالإناء الذي فيه ماء، وليس كذلك غيره، كالثياب والبدن، والحوض، وكذا الإناء الخالي أو الذي فيه غير الماء كلبنٍ، كل ذلك لا يستحب غسله من لعاب الكلب.
قال خليل بن إسحاق: ونُدب غسل إناءِ ماءٍ ـ ويراق ـ لا طعامٍ وحوضٍ؛ تعبداً، سبعاً، بولوغ كلبٍ. اهـ.
قال الخرشي: يعني أن الكلب ـ سواء كان منهياً عن اتخاذه أو مأذوناً فيه، واحداً أو متعدداً ـ إذا ولغ في إناءِ ماءٍ، أي: شرب منه، فإنه يستحب أن يراق الماء المولوغ فيه، ويستحب أن يغسل الإناء سبع مرات تعبداً على المشهور لطهارة الكلب... فلو كان المولوغ فيه طعاماً أو حوضَ ماءٍ فلا تستحب الإراقة ولا الَغسل؛ لأن الغسل إنما جاء في الإناء فبقي غيره على الأصل... ولأن الولوغ مختص بالماء... ولو لعق الكلب في الإناء من غير ماء لا يستحب غسله. اهـ.
وقال: يقال: وَلَغَ يَلَغُ... إذا أدخل لسانه وحرَّكه فيما فيه شيء، ويفهم منه أنه إذا أدخل لسانه من غير تحريك أنه لا يكره استعماله، وكذا لو أدخل رأسه أو سقط من فيه لعاب في الماء. اهـ.
فمنه تعلم أن موضع عضة الكلب من الثياب ليس متنجساً ولا يندب غسله منه.
فما دمت موسوساً في الطهارة ـ كما هو ظاهر في أسئلتك السابقة ـ.. فخذ بمذهب الإمام مالك في هذه المسألة، واجعله مذهبك فيها، ثم لا تلتفت إلى ما أصابه لعاب الكلب؛ فإنه في حقك طاهر.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 181305.
والله أعلم.