الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم عند أهل العلم أن من السنة استعمال اليد اليمنى أو تقديمها في كل ما هو من باب التكريم، واليسرى ضد ذلك، وأن إزالة الأذى تكون باليد اليسرى، ولا شك أن غسل الفرج من هذا الباب، ولذلك فإن استعمال اليد اليمنى في غسل الفرج مخالف لهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخاصة في غسله من الجنابة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عَائِشَة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ وُضِعَ لَهُ الْإِنَاءُ، فَيَصُبُّ عَلَى يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا الْإِنَاءَ، حَتَّى إِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ صَبَّ بِالْيُمْنَى وَغَسَلَ فَرْجَهُ بِالْيُسْرَى، حَتَّى إِذَا فَرَغَ صَبَّ بِالْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ مِلْءَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جَسَدِهِ. رواه النسائي وصححه الألباني.
وجاء في بعض شروح الحديث: وفيه استحباب صب الماء باليمنى، وغسل الفرج باليسرى تكريما لليمين.
وفي شرح بلوغ المرام للبسام: وفي الحديث أن إفراغ الماء من اليد اليُمْنَى على اليد اليسرى، التي ستباشر غسل الفرج ، الذي عليه آثارُ الجماع، فاليمنَى لتناوُلِ الماء، واليسرى لإزالة الأذى.
وعلى ذلك ينبغي للمسلم أن يتجنب استعمال يده اليمنى في غسل الفرج، وأن يقتصر فيه على اليد اليسرى.
ومما يجدر التنبيه عليه أن بعض أهل العلم يرى أن مس الذكر باليمنى في غير البول مباح، فقد قال البخاري في صحيحه: "باب لا يُمسِك ذكرَه بيمينِه إذا بال".
وقال الحافظ ابن حجر في شرحه فتح الباري: أشار بِهذه الترجمة إلى أنَّ النَّهي المطلَق عن مسِّ الذَّكر باليمين ـ كما في الباب قبله ـ مَحمولٌ على المقيَّد بحالة البَول، فيكون ما عداه مباحًا.
وفي المسألة خلاف ذكره الحافظ ابن حجر ومما لا شك فيه أن الأحوط هو ألا يمس ذكره بيمينه مطلقا تكريما لها.
والله أعلم.